المقالة 4 : عملية التقديم على الدكتوراه
بعد عملية اختيار أو معرفة المشرف المناسب والجامعة المناسبة وإيجاد المنحة أو الفرصة البحثية الملائمة، تبدأ عملية التقديم على الدكتوراه (اقرأ المقالات السابقة) والتي تتم بنفس طريقة التقديم على الماجستير، إذ يجب على الشخص التقديم من خلال موقع الجامعة مباشرة، واتباع الخطوات المذكورة ضمن الموقع والتي تتضمن تعبئة طلبٍ الكتروني وإرفاق جميع الوثائق المطلوبة المذكورة أدناه.
a. متطلبات الحصول على الدكتوراه:
للتقدم على فرصة دكتوراه هناك بعض الإفادات الكتابية والثبوتيات المطلوبة، وهذا القسم يتناول غالبية المتطلبات علماً أن المتطلبات قد لا تكون محصورةً بالآتية:
i. مقترح البحث:
يعدُّ مقترح البحث واحداً من أهم متطلبات التقديم على الدكتوراه. ليس بالضرورة أن تكون باحثاً مخضرماً فأنت مازلت طالباً بهذه المرحلة، وليس من المهم أن تكون فكرة ومقترح بحثك ناضجةً بشكلٍ كاملٍ، فهي ما زالت فكرةً أوليةً قيد التعديل، وبالتأكيد سيتم تعديلها أثناء الدكتوراه، لكن من المهم أن تثبت لهم – من خلال مقترحك – قدرتك كباحثٍ محتملٍ من خلال عرض فهمك للمشكلة البحثية، وقدرتك التحليلية، وقدرتك على بناء موقفك (Argument)، وفهمك لأساليب البحث العملي. سيتم تخصيص مقالة منفصلة لشرح كيفية كتابة مقترح البحث.
ii. رسائل التوصية:
رسالة التوصية هي رسالةٌ تكتب من شخصٍ آخر على معرفةٍ بك لتبين صفاتك الإيجابية، ولإقناع المخاطب بضمك لفريق العمل البحثي أو الجامعة. يفضل أن يكون الكاتب حاصلاً على درجة دكتوراه، وذو خلفية أكاديمية نظراً لكونه شخصاً مؤهلاً ويتناول التقييم من طبيعة عملٍ تلائم تطلعات الجامعة، بعض الأحيان تُقبل رسائل التوصية من مدير عملك السابق، وبحالاتٍ نادرةٍ تُقبل من زميل عملك، وبشكلٍ أقل ندرة من صديقٍ أو قريبٍ. قبول الجامعة لرسالة توصيةٍ ما تعتمد على محددات الجامعة (بعض الجامعات تشترط على أن تكون رسالة التوصية أكاديمية حصراً)، ومؤهلات الكاتب ومكانته وقدرته الإقناعية بمعرفتك ومميزاتك.
لذلك اخترْ بعنايةٍ من تريده أن يوجه رسالة التوصية الخاصة بك، فعلى سبيل المثال إذا كان كاتب الرسالة باحث معروف ولديه العديد من المنشورات العلمية؛ سيكون كلامه ذو مصداقية عالية بالنسبة للجامعة. بينما إذا كان باحثٌ جديد العهد سيكون تقييمه لك أقلّ أهمية نسبياً (تذكر أنه بإمكانهم البحث عن اسم الكاتب على منصات البحث). وبالتالي حاول ألا تميل أبداً لاختيار صديق أو قريب. في الرسالة يذكر الكاتب تعريف عن نفسه لتسهيل تمييزه، مثلاً الدكتور فلان الفلان مدير قسم الـ…… في كلية الـ….. + اسم الجامعة. كما يتم ذكر معلومات التواصل معه، كعنوان البريد الإلكتروني (يفضل أن يكون إيميل عمل وليس إيميل شخصي) ورقم الهاتف وعنوان المكتب.
من ناحيةٍ أخرى معرفة الكاتب لك تُعَدُّ أمراً مهماً، وغالباً ما يذكر في الرسالة طبيعة علاقتكم للإشارة على ذلك، فعلى سبيل المثال انظر الجملتين الآتيتين:
“I know NAME as a student in my class, he/she was … etc”
OR “I know NAME as a researcher in one of my major projects, he/she was … etc”
لاحظ أن العبارة الأولى توحي بعلاقة طالبٍ وأستاذٍ، وغالباً ما تكون نمطية وتدل على علاقةٍ محدودةٍ بمشاركاتك الصفية فهي معرفة سطحية، بينما العبارة الثانية تدل على معرفةٍ أقوى، وتشير لانخراطك بعملية تلقي معلومات وتوليدها ومناقشتها. كما يمكن ذكر جوانب أخرى كتطوير علاقة شخصية، مما يؤهله للإشارة على جوانب إيجابية إضافية.
الإشادة بقدراتك لا يمكن شملها بإطارٍ أو صيغةٍ محددةٍ، إذ تختلف باختلاف أسلوب الكتابة. ليس من الضرورة ذكر معرفتك بمجالٍ معينٍ أو تقنيةٍ ما على الرغم من أن ذلك ويُعَدُّ شيئاً إيجابياً، ولأن الهدف من الدكتوراه هو سعيك للعلم ليس امتلاكك له. فتفكيرك النقدي واجتهادك، وانجازاتك، وقدرتك على دمج المعارف والعلوم المختلفة، وتنظيم وقتك، وعلاقاتك هي سمات تثير الانتباه وتقنع القارئ. يمكنك في الرسالة التطرق لجوانب عدة أو التركيز على إحداها، فلا يوجد إطارٌ محددٌ لذلك، والهدف هو الإقناع لا الأسلوب المتبع، لكن مهارات البحث وشغفك الأكاديمي يُعَدُّ من أهم الأمور التي يجب التركيز عليها ضمن رسالة التوصية لطالب الدكتوراه. أخيراً يتم ذكر دعم الكاتب بأن عملية انتقاء المرشح هو أمراً منصوحاً به.
رسالة التوصية ذات أهمية كبيرة في عملية القبول، فهي تعطي صورة عنك من وجهة نظر خارجية، وتساعد القارئ على تخيلك ضمن فريقه البحثي. لذلك كن حريصاً أن تمتلك رسائل توصية جيدة، وأن توازن بين العوامل السابقة، فباحث مهم لا يعلم عنك شيء أو بخيل التعبير قد يمنحك رسالة فقيرة المحتوى. تأكد من مدى قبول طبيعة رسالة التوصية المقبول بها (أكاديمياً أو مهنياً أو كلاهما). ثم احصل على رسائلٍ من عدة أشخاص وقارن بين الرسائل. احصل على المشورة من محيطك ومن الإنترنت، في حال كان لديك استفسارات فيمكنك التواصل مع الرابطة السورية عبر خدمة المستشار، وذلك من خلال الرابط.
iii. رسالة الدافع:
إن لرسالة الدافع أهمية كبيرة بعملية الحصول على مقعد الدكتوراه، فهي الوثيقة التي تلخص دافعك وطموحك وأهدافك المستقبلية ومهاراتك وشغفك، ويجب على الشخص كتابتها بشكل متقن جداً. في حال كنت شخصاً غير ضليع بعملية كتابة رسالة الدافع، فيمكنك مشاهدة سلسلة كتابة رسالة الدافع على قناة الرابطة في اليوتيوب. جدير بالذكر بأن السلسلة موجهةٌ لمرحلة الإجازة الجامعية والماجستير، ولكن يمكنكم الاستعانة بها لرسالة الدافع من أجل الدكتوراه أيضاَ.
iv. السيرة الذاتية:
العديد من المواقع والورشات تناولت موضوع السيرة الذاتية، لذلك سنحاول أن نبتعد عن التكرار أو طرح ما هو معروف مسبقاً، والتركيز على فهم طريقة العرض. في حال لم تكتب سيرة ذاتية سابقاً أو لم تلتحق بأي ورشة تدريب ننصح بأن تطلع على ذلك قبل استكمال قراءة هذا القسم.
كما هو معروف السيرة الذاتية هي عرضٌ لشريط حياتك المهني والأكاديمي، مشيراً بها على تمكنك من مهاراتٍ وخبراتٍ وعلومٍ معينة. التفاصيل عن تلك الأقسام مذكورة في مراجع أخرى ولكن سنركز على أهمية تنسيق السيرة الذاتية. تخيل نفسك صاحب عمل وتريد توظيف شخص ما لديك وانهالت عليك السير الذاتية، كيف ستنظر لهذه السير؟ هل كلها تتبع نفس التنسيق؟، وعلى ماذا تبحث في كل سيرة؟، وكم من الوقت ستعطي لقراءة كل واحدة؟، عندما نفهم كيف يتعامل القارئ مع سيرتك الذاتية ستستطيع كتابة سيرة تجذب انتباه القارئ، غالباً ما ينظر القارئ للصورة العامة ثم يحدد اهتمامه بقسمٍ معينٍ ثم قسم فرعي محدد ثم تفصيل ما. فيجب أن تمتلك سيرتك الذاتية الليونة الكافية لتعطي فكرة عامة إيجابية عنك وسهولة الوصول لتفصيلٍ مهم يتطلع إليه القارئ. نسّقْ سيرتك الذاتية لتكون مريحةً للنظر وتوفر سهولة عالية جداً للناظر لتحديد وإيجاد ما يبحث عنه. أوضح العناوين وبيّنها ليستطيع القارئ بشكلٍ مباشرٍ التمييز بين الأقسام، فمثلاً في البداية اسمك واضح ومن ثم المعاهد والشهادات الحاصل عليها ثم الخبرات العملية … الخ. في كلِّ قسمٍ. من المفضل أن يكون سهلاً تمييز الأقسام الفرعية، وأن توضح كل قسم أين يبدأ وأين ينتهي. لربما أن القارئ يبحث عن أسماء الجامعات التي درستَ بها أو أسماء الشهادات التي حصلت عليها، أو المدة الزمنية لكل واحدة أو البحث التي أتممته في كل جامعة، كم من السهل إيجاد هذه المعلومة؟ جرب الكثير من أنواع الخطوط وأحجامها، والمسافات بين الخطوط وبين الفقرات، لتحقق التوازن المناسب الذي يتلاءم مع كمية المعلومات وطبيعتها الموجودة في سيرتك الذاتية. في حال دراستك الفنون أو العمارة فالتنسيق سيأخذ بُعداً إضافياً، ويُعبر عن قدرتك الإبداعية وغالباً ما يكون صفحةً واحدةً، أما في حال الفروع الأخرى؛ هو غالباً صفحتان في المملكة المتحدة، والهدف من التنسيق هو راحة القارئ وليس إظهار مهاراتك الفنية.
أَعْطِ أولوية الظهور للمعلومات الأهم، فلنفترض أنك قررت أن تكتب العناوين الأساسية بخطٍ عريضٍ وتحته خط، ثم قررت تقسيم مراحل دراستك بعناوين بخط عريض فقط، فهل ستكتب اسم الجامعة أم عنوان الشهادة الحاصل عليها بالخط العريض؟
مثال:
التحصيل العلمي
اسم الجامعة (اسم الشهادة) 2017/2018
الخبرات العملية
اسم الشركة (اسم المنصب) 2019/2020
في حال اسم الجامعة مهم جداً (مثلاً أوكسفورد) فالتنسيق الحالي أمرٌ مرغوبٌ به، أما في حال اسم الشهادة متعلق جداً في الدكتوراه (مثلاً ماجستير في التصنيع المتطور والدكتوراه في الأذرع الروبوتية) فاسم الشهادة أهم، وعكس التنسيق والترتيب هو أمرٌ مفضل هنا. من المهم تنسيق السيرة الذاتية بأسلوب موحد في المثال تم ذكر التاريخ على الطرف الآخر من السطر لتسهيل البحث عنه، ويتم إبقاء نفس التنسيق عند ذكر مهارات العمل، وبالتالي قمت بعملية برمجة القارئ بالنظر على ذلك الطرف في حال أراد البحث عن التواريخ أو المقارنة بينها.
قد تكون خبراتك العملية أهم من العلمية، مثلاً مهندس حواسيب ولكنه عمل في مجال تحليل بياناتٍ ضخمةٍ لشركات صيدلانية والدكتوراه هي في العلوم الصيدلانية الحديثة، قد يستطيع تفضيل قسمٍ على آخر بحسب محتوى كل منهما. بالرغم من تفضيل تسبيق الخبرات العلمية بشكلٍ عامٍ والاستفاضة بالتجارب البحثية.
في الكتابة عن كل قسمٍ قد تفضل كتابة تجاربك أو انجازاتك أو مهامك الوظيفية أو التنويع بينهم، هذا الأمر كاملاً يعود لك، ولكن احرص على أن تنظر لسيرتك الذاتية من وجهة نظر الدكتور المشرف المحتمل، وحاول أن تعطي الأولوية للأمور الأهم من وجهة نظره. فمثلاً صيدلاني إحدى خبراته السابقة هي مسعفٌ في منظمة ما وينوي دراسة الدكتوراه في العلوم البيولوجية، فمهامه الموكلة له من ناحية إدارة فريق العمل والعمل تحت الضغط قد تكون أهم من مهاراته المتميزة في عملية الإنعاش.
قم بالتعديل والتنسيق وتجربة جمل مختلفة بترتيبات مختلفة إلى أن تصل إلى توازن مناسب. اترك سيرتك لمدةٍ زمنيةٍ ثم اقرأها من جديدٍ ستلاحظ أمور قد اغفلتها من قبل. اكتب سيرة ذاتية جديدة أو عدل السابقة لكل فرصة على حدة ثم اسأل أصدقاءك أو أشخاص من الرابطة للمساعدة بالنقد البناء لتحسينها. يمكنكم التواصل مع الرابطة السورية عبر خدمة المستشار في حال كان لديكم استفسارات، وذلك من خلال الرابط.
v. شرط اللغة:
إن شرط اللغة يُعَدُّ واحداً من العوامل الرئيسية للحصول على الدكتوراه، وذلك لأن دراسة الدكتوراه تتطلب درجةً جيدةً جداً باللغة الإنجليزية، وخاصَّة في الكتابة والقراءة لأن أغلب وقت طالب الدكتوراه سيكون بقراءة أبحاثٍ وكتابة بحثه. الفحص المطلوب والعلامة المطلوبة هو أمرٌ مرتبطٌ بالجامعة، وعلى الشخص الراغب بالتقدم إلى الدكتوراه أن يقرأ ضمن موقع الجامعة عن المتطلبات. في حال كانت لغتك الإنجليزية جيدة جداً، فيمكن ببعض الأحيان طلب إعفاء من هذا الشرط، لكن هذا يتطلب منك أن تحقق شروط الجامعة، أو أن تقدم فحص لغة عن طريق الجامعة بشكل مباشر. في بعض الأحيان في حال لم تحقق العلامة المطلوبة من الجامعة تشترط الجامعة عليك حضور كورسات لغة لديها قبل الالتحاق بالدكتوراه، وعادة ما تكون مدفوعة ومكلفة.
vi. المقابلة:
إن الدكتوراه هي مشروعٌ بحثي طويل زمنياً، وبالرغم من أهمية تحصيلك العلمي ومدى معرفتك إلا أنه ليس العامل الوحيد والأساسي في التقييم. فغالباً ما يسأل الدكتور المشرف أن تُحضر عرضاً عن بحثٍ سابقٍ كنت قد أجريته وأن تعرض النتائج أو يطلب منك مقابلة تقييم. في كلتا الحالتين سيكون قسماً كبيراً من أسئلته متعلقة بمصاعب البحث السابق وطرح فرضيات تثبت عكس ما تدعيه نتائجك. ليس من المتوقع منك أن تكن خبير لكن يجب أن تكون جاهز للآتي:
– مناقشة فكرة بحثك والفجوة الأكاديمية التي تحاول ردمها، وأساليب البحث الخاصة ببحثك. يجب أن تجعل المشرف أو الشخص الذي يُجري المقابلة لك يثق بقدراتك البحثية والأكاديمية ليتم المراهنة عليك.
– مناقشة شغفك وأسباب دراسة الدكتوراه وطموحاتك. من المهم أن توصل للشخص الذي يقابلك كل هذه الأمور ولها نفس أهمية قوتك الأكاديمية، لأن دراسة الدكتوراه هي تجربة تتطلب طاقةً ودافعاً وشغفاً كبيراً وعليك أن توصل هذه الأمور من خلال المقابلة الخاصة بك.
إعداد: ودود تدبير – ملهم السليمان – ريم القيّم – عدي طوزان
تدقيق لغوي: رباب السمر، زاهر عبد الفتاح

